تقديـــــم

إن العناية بالقرآن الكريم ورعايته والاهتمام به كان دائما حاضرا في انشغالات المغاربة منذ أن انتشر الإسلام في ربوع المغرب، فالمغاربة بطبعهم شعب متدين ومتمسك بالقرآن والسنة، ولا أدل على ذلك، أن ملك المغرب يحظى بخصوصية إمارة المؤمنين، التي تمنحه شرعية دينية وتاريخية، وبالتالي فهو المسؤول على رعاية الدين ونشر وتعاهد القرآن و  خدمة السنة، فجلالته بمقتضى المادة 41 من دستور 2011، هو أمير للمؤمنين وحامي حمى الملة والدين.

وفي هذا الإطار يعرف الشأن الديني بمملكتنا الشريفة، ثورة حقيقية بقيادة أمير المؤمنين، جلالة الملك، سيدي محمد السادس حفظه الله وأدام نصره، إذ تميز عهده المبارك، على سنن أسلافه المنعمين، بالعديد من المشاريع الرامية إلى تأهيل الشأن الديني ورعاية القائمين عليه وإيلائه ما يستحق من رعاية موصولة واهتمام بالغ، لا سيما المصحف الشريف.

ولما كان الصرح الديني ببلادنا في عهد جلالة الملك قد قارب كماله، فإن مسألة وجود مؤسسة خاصة تعنى بطبع المصحف وفق رواية ورش التي اعتمدها المغاربة منذ القدم مثلت اللبنة المتبقية في بنيان هذا الصرح العظيم، فاقتضى النظر السديد لجلالته، إنشاء مؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف بموجب الظهير الشريف رقم 1.09.198 الصادر في 08 ربيع الأول 1431 الموافق ل23 فبراير 2010، والتي أشرف جلالته شخصيا على تدشينها بمدينة المحمدية يوم الخميس 15 رمضان الأبرك 1431 الموافق ل 26 غشت 2010، محددا مهامها الأساسية في العناية بكتاب الله عز وجل تسجيلا وطبعا ونشرا وتوزيعا، مع كل ما يقتضيه ذلك من سهر على ضمان استمرار ضبطه ورسمه وقراءته بكامل الدقة والأمانة، صونا للمصاحف الرائجة في مملكته الشريفة من كل خطأ أو تحريف.

ولكي تؤتي هذه البنية الإدارية التنظيمية أكلها فقد أناط بها المشرع جملة من المهام الرئيسية تمثلت في: القيام بإعادة نسخ المصحف الشريف برواية ورش عن نافع وفق القواعد المعتمدة في علوم الرسم والوقف والضبط والقراءات، والإشراف على طبع المصحف الشريف، العمل على نشره وتوزيعه، والإشراف على تسجيل تلاوة المصحف الشريف و لا سيما برواية ورش عن نافع عن طريق استعمال مختلف أنواع الدعائم المتعددة الوسائط، الترخيص للأشخاص الذاتيين والاعتباريين الراغبين في طبع المصحف الشريف أو توزيعه، والقيام بأعمال المراقبة والتدقيق للنسخ المطبوعة أو المسجلة من المصحف الشريف لضمان سلامتها من الأخطاء واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لحجزها ومنعها من التداول عند الاقتضاء، وإقامة علاقات تعاون مع المؤسسات والهيئات العامة والخاصة على الصعيدين الوطني والدولي قصد مساعدة المؤسسة على تحقيق أهدافها.

لذلك، يأتي في طليعة سلم الأولويات طبع المصحف المحمدي الشريف وتوزيعه على أوسع نطاق داخل المملكة وخارجها. انسجاما مع الأهداف المسطرة للمؤسسة بمقتضى ظهير التأسيس وتصريحات السيد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، بصفته رئيسا للمجلس الإداري للمؤسسة، التي تنصب أساسا على توزيع وطبع وتسجيل ونشر المصحف الشريف في المغرب وفي كل من بلدان أوروبا ودول أفريقيا الغربية والشرقية التي اختارت رواية ورش عن نافع في رسم وضبط مصاحفها.

أملنا إذن، أن يستشعر الجميع حجم المهمة التي تقوم بها المؤسسة، ألا وهي حماية المصاحف الشريفة والذود عن قدسيتها وحرمتها في بلادنا تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية. ولا نعتقد أن هذا الهدف صعب المنال اليوم، بعد أن استكملت المؤسسة كل هياكلها ورسمت الطريق اللاحب لترجمة تدخلاتها من خلال المرسوم رقم 2.12.239 الصادر بتاريخ23 ربيع الآخر 1434 الموافق ل 06 مارس 2013 بشأن تحديد شروط وإجراءات الترخيص بنسخ المصحف الشريف أو طبعه أو تسجيله أو نشره أو توزيعه؛ لذلك نهيب بكل الناشرين المغاربة على وجه الخصوص التقيد بمقتضيات الظهير الشريف المحدث للمؤسسة والمرسوم الآنف الذكر.

وإذا كانت مؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف هيئة عامة لا تسعى إلى تحقيق الربح المادي، فإن ربحها الأسمى إنما يتمثل، في وصول القرآن الكريم بين دفتي المصحف المحمدي الشريف إلى كل الناس في المغرب وإفريقيا وأوروبا بل وفي العالم، سليما من كل خطأ أو تحريف.

ونظرا للأهمية القصوى التي تكتسيها وسائل الاتصال والتقنيات الحديثة في ربط الصلات، وما للمواقع الإلكترونية من تفاعل دائم فقد قر الرأي على إطلاق موقع المؤسسة بحلته الجديدة، ذات البعد التفاعلي مع المستعملين، والذي يعمل على متابعة تامة لكل الأنشطة التي تقوم بها المؤسسة، والأعمال المصحفية التي تنتجها.

 تحقيقا لهذا الغرض، فقد تم الحرص على تنويع نوافذ هذا الموقع وضمان تكاملها وانسجامها، وتيسير ولوجها.